وأما الاستناد إلى العلم الاجمالي بأحد الأمرين من القصر والاتمام في وجوب الفحص والمنع عن إجراء الأصل قبل الفحص، فغير معقول لتوقف تأثير العلم الاجمالي في التنجيز على عدم انحلاله بأصل غير معارض فلا يعقل أن يمنع عن جريانه، فإن هذا المعنى متساوي النسبة إلى ما قبل الفحص وبعده لولا دليل آخر على عدم جريان الأصل قبل الفحص. كما أن الاستناد إلى أدلة الحرج فيما إذا كان الفحص حرجيا إنما يصح إذا كان وجوب الفحص شرعيا لا ما إذا كان عقليا، أو لقصور في دليل البراءة عقلا أو نقلا، فتدبر.
الأمر الثامن هل الشاك في المسافة مع عدم الطريق تكليفه الجمع بين القصر والاتمام للعلم الاجمالي؟ أو هناك أصل يقتضي تعين الاتمام فينحل العلم الاجمالي؟
لا شبهة في أن المسافة المشكوكة لا أصل فيها بحيث يعين بلوغها الثمانية أو عدم بلوغها كما أنه لا أصل يعين أن قصدها قصد المسافة الشرعية أولا، إلا أنه لا حاجة إلى شئ منها في نفي القصر وإثبات الاتمام حتى بعنوان الشك في رافعية القصد الموجود، وأنه مجرى الأصل كالشك في وجود الرافع، مع أن رفع الرافعية بالأصل لا يكون إلا بنحو العدم المحمولي وبنحو السالبة بانتفاء الموضوع الذي هو محل الكلام، ومورد النقض والابرام.
بل التحقيق أن يقال: إن عمومات التكليف بالاتمام المخصصة بما عدا المسافر لا تخلو عن أحد وجوه ثلاثة: إما أن يكون التخصيص موجبا لاخراج عنوان المسافر منها من دون أن يوجب تعنون العام بعنوان وجودي أو عدمي كما عليه شيخنا الأستاذ (1) (قدس سره) ومجرد تردد المشكوك بين الداخل تحت العام الخارج عنه هو المانع عن الاستدلال به. وإما أن يكون التخصيص موجبا لتعنونه بعنوان