الأنصاري (1) (قدس سره) على التقابل بحسب علم المكلف، مع أنهما لو كانا متلازمين واقعا وعلمت الملازمة لكانا متلازمين علما لا متقابلين علما، فإن تقابلهما علما معناه إن العلم بأحدهما لا يجامع العلم بالآخر، أو أنه ينفك العلم بأحدهما عن العلم بالآخر. والظاهر أن التقابل بلحاظ السبق واللحوق علما، والسبق واللحوق متقابلان، ولا منافاة بين التلازم واقعا وعلما، والتقابل بين سبق العلم بأحدهما ولحوق العلم بالآخر كما في العلة والمعلول، فإنهما متلازمان واقعا وعلما، لكنه ربما ينتقل من العلة إلى المعلول، وربما ينتقل من المعلول إلى العلة، فالانسان بحسب مباديه العلمية ربما يعلم أنه ثمانية فراسخ فينقل العلم بالتلازم إلى أنه مقدار مسير يوم بالسير المعتدل، وربما بحسب تجربته مرارا يعلم أن المسافة مقدار مسير يوم بالسير المعتدل فينتقل إلى أنه ثمانية فراسخ مساحة، والغالب هو الأول، ولذا جعلت الثمانية حدا ومعرفا. والظاهر من قوله (عليه السلام): " بياض يوم أو بريدان " (2) وإن كان التخيير بين الأمرين بنفسهما لكنه لما كان في مقام استعلام المسافة الموجبة للقصر وتعريفها فلذا جعلنا التقابل بلحاظ السبق واللحوق علما، بل إذا جعلنا الشرط نفس إحراز مسيرة يوم لا القصد والإرادة، أو نفس المسافة فوجوده الواقعي عين وجوده العلمي، وحينئذ فملازمة الموصوف بالمعرفية لا بد وأن يكون إحراز ثمانية فراسخ، لاستحالة التلازم بين الوجود العلمي لشئ، والوجود الواقعي لشئ آخر، فتدبره فإنه حقيق به.
الأمر الثاني في شمول الثمانية فراسخ للامتدادية والتلفيقية ومختصر القول فيه: إن ظاهر أخبار (البريدين) و (الثمانية فراسخ) هي الامتدادية حتى بملاحظة بعض ما ورد في التلفيق، كرواية سليمان بن حفص: