الالتزام بانقطاع كثرة السفر قبل انقطاع أصله وهو مناف للملازمة المدعاة هنا.
وأما لزوم النية في هذه العشرة الواقعة بعدها فيختلف من حيث اختلاف المدرك، فإن استندنا في قاطعية الإقامة في غير المنزل إلى المرسلة مع التحفظ على انجبارها باستناد الأصحاب، فلا بد من النية، لا لدخلها في قاطعية السفر حتى يكتفى بقاطعية الثلاثين، بل لدخلها في قاطعية الكثرة في غير المنزل، حيث لا جابر للمرسلة بدون النية، وإن استندنا إلى عموم المنزلة المدعاة بقولهم (عليهم السلام):
" والمقيم إلى شهر بمنزلتهم " فينقطع سفره بالثلاثين مترددا، وتنقطع كثرته بكونه أهلا للبلد تنزيلا فيترتب عليه حكمهم وهي قاطعية الإقامة بما هي لكثرة السفر.
ولا يرد عليه شئ من المحاذير الواردة على نية الإقامة لانقطاع السفر بالثلاثين المتقدمة على الإقامة من دون فرض النية، فلا مانع ثبوتا ولا إثباتا.
نعم إذا قلنا بأن اعتبار النية، عند المشهور، وعدم العمل باطلاق المرسلة، بسبب ارتكاز الملازمة بين انقطاع السفر وانقطاع كثرته، فلذا اقتصروا في الإقامة الابتدائية على الإقامة مع النية، فالمرسلة أيضا كدليل المنزلة، لأن المفروض حصول انقطاع السفر بالثلاثين مترددا، فلا مانع حينئذ من العمل باطلاق المرسلة.
وأما القول بعدم كفاية الثلاثين حتى مع الإقامة عشرا، فالوجه فيه عدم صحة التمسك بدليل المنزلة هنا لما في الخبر المتكفل لها من وجوه الاشكال كما قدمناه في المباحث السابقة، وعدم تعرض المرسلة إلا للإقامة الابتدائية لا مطلق الإقامة ولو بعد التردد ثلاثين يوما، والاشكال الأول في محله دون الثاني خصوصا إذا كان مع النية والله أعلم.
خامسها: هل عدم إقامة العشرة شرط في خصوص المكاري كما هو ظاهر جميع نصوص الباب؟ أو يعم سائر أصناف كثير السفر؟ أما بناء على أن تلك العناوين المذكورة في الروايات بما هي موضوعات لوجوب الاتمام، فمن الواضح أن تقييد بعضها بقيد لا يقتضي تقيد بقية العناوين. وأما إذا قلنا بأنها بما هي من حصص الجامع المستفاد من قولهم (عليهم السلام) " بأنه عملهم " (1) فنقول: إن الجامع إذا