الأصحاب دون أخبار الباب، بل المدار في أخبار الباب على أحد أمرين: إما تحقق عناوين المكاري والجمال والتاجر الذي يدور في تجارته ونحوها كما هو مفاد جملة منها، وإما كون السفر عملا له كما هو مقتضى جملة من النصوص منها قوله (عليه السلام): " أربعة يجب عليهم التمام في سفر كانوا أو حضر: المكاري، والكرى، والراعي، والاشتقان (1) لأنه عملهم " (2) ولا منافاة بين الطائفتين إذ مجرد الحكم بالاتمام في الطائفة الأولى لا يأبى عن أن يكون باعتبار نفس تلك العناوين، أو باعتبار اندراجها تحت جامع كما هو مقتضى الطائفة الثانية، والتعليل فيها بمنزلة الكبرى الكلية التي ذكرت لادراج تلك العناوين فيها، بل غيرها أيضا ممن يكون السفر عملا له. وعليه فالمدار في هذا الشرط على أن لا يكون السفر عملا له، لا على عدم كثرة السفر، ولا على عدم اتصافه بأحد تلك العناوين بما هي.
الأمر الثاني بعد ما عرفت من أن المدار على الكلية المستفادة من التعليل، فهل المراد منه أن كل من كان السفر عملا له يتم، أو أن كل من كان تلك المبادئ من المكاراة والتجارة ونحوها عملا له يتم إذا سافر في عمله ويترتب عليهما ثمرات سننبه عليها إن شاء الله تعالى.
والذي فهمه الأصحاب هو الأول. والذي قواه بعض أجلة العصر (رحمه الله) هو الثاني. ولعله لذكر المبادئ في ضمن، مشتقاته المذكورة في الرواية فيصح رجوع الضمير في قوله (عليه السلام) " لأنه عملهم " إليها دون السفر الذي لم يذكر فيها والصحيح هو ما فهمه الأصحاب لأن قوله (عليه السلام) " لأنه عملهم " تعليل بأمر واحد متساوي النسبة إلى جميع الذوات المعنونة بتلك العناوين، وليس ذلك إلا السفر فإنه عمل الكل. وأما المبادي فكل مبدء عمل الواحد منهم وإرجاع