تعالى على اعتبار الرجوع ليومه.
ووجوه الجمع بينها وبين أخبار الثمانية الامتدادية، وأخبار التلفيق ثلاثة:
أحدها: أن كلا من الثمانية والأربعة حد لتعين القصر، وشبهة التخيير بين الأقل والأكثر، وعدم تأثير للزائد مع تأثير الأقل، مدفوعة بأخذ الأقل بشرط لا بالنسبة إلى حد الأكثر، فالأربعة في ضمن الثمانية لا أثر لها حتى لا يبقى مجال لتأثير الأكثر بل الأربعة ال " بشرط لا " يستحيل تحققها في ضمن الأكثر لتباين اعتباري بشرط لا وبشرط شئ، وعليه فماذا قصد الثمانية امتدادية أو ملفقة تعين القصر عليه لهذا السبب بالخصوص، وإذا قصد ما دون الثمانية أي الأربعة بشرط عدم بلوغ الثمانية أيضا تعين عليه القصر. فلا تصرف في شئ من الظهورين.
ثانيها: حمل أخبار الثمانية مطلقا على تعين القصر بنحو العزيمة، وأخبار عرفات على الرخصة، إذ ليس مقتضى التحديد بالثمانية إلا تعين القصر، ومفهومه ارتفاع تعين القصر بعدم بلوغ المسافة ثمانية فراسخ لا وجوب الاتمام تعيينا، فلا ينافي الرخصة في القصر بمقتضى هذه الأخبار، فلا تصرف إلا في أخبار (الأربعة فراسخ) برفع اليد عن تعين القصر، فيتخير في الأربعة بين القصر والاتمام، حيث لا يمكن الالتزام بتعينهما معا للشبهة السابقة.
ثالثها: التخيير بين الأخذ بأخبار الثمانية وطرح أخبار الأربعة فيتم، والأخذ بأخبار الأربعة وطرح ما ينافيها فيقصر، نظرا إلى تكافؤهما، والبناء على التخير في الخبرين المتعارضين دون التساقط في مورد التعارض.
والجواب أما عن الوجه الأول: فإن التعليل بقوله (عليه السلام): " لأنه إذا رجع كان سفره ثمانية فراسخ " (1). ظاهر في أن الثمانية الملفقة عين موضوع الحكم لا موضوع آخر، وظاهر قوله (عليه السلام): " فقد شغل يومه " (2) أي مقداره كذلك فيعلم أن الاقتصار على الأربعة لأن رجوعه أيضا أربعة، والمجموع هو السبب الوحيد