الحكم هي المرسلة المحتاجة إلى الانجبار بعمل الأصحاب واستنادهم إليها، فلا جابر لها مع عدم النية، فلا يمكن الركون في نفي اعتبار النية إلى الاطلاق. وعليه فاللازم الرجوع إلى أدلة عملية السفر حيث لا حجة على تقييدها بالإقامة المجردة. نعم إن كانت الإقامة قاطعة للموضوع لا رافعة للحكم كانت الشبهة موضوعية واللازم إجراء أصالة بقاء الموضوع فيتحد مع الأول في الأثر، وطريق الاحتياط واضح.
رابعها: في حكم المتردد ثلاثين يوما في غير بلده من حيث رافعية حكم كثرة السفر. ولا بد من تمهيد مقدمة هي: أن وجوب الاتمام فقط أمر لا يلازم انقطاع السفر الموجب لكون السفر الواقع بعده مشروطا ببلوغ المسافة، بخلاف وجوب الاتمام فقط فإن سفره متمم السفر الأول، ولا مانع من أن يكون السفر الواحد محكوما تارة بالقصر، وأخرى بالاتمام، كما أن انقطاع السفر بمجرده غير صيرورته أهلا للمحل ليترتب عليه حكم أهل البلد من انقطاع حكم كثرة سفره بالإقامة.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن في المسألة كما عن شيخنا الأعظم (1) (قدس سره) " وجوها، بل أقوالا ثلاثة ": القول بكفاية الثلاثين مترددا في انقطاع السفر وكثرته معا. والقول بلزوم إقامة العشرة بعده. والقول بعدم الكفاية مطلقا.
أما القول بالكفاية مطلقا فهو مبني على عدم اعتبار النية في الإقامة القاطعة لحكم الكثرة بمقتضى إطلاق المرسلة، فمن حيث تحقق الثلاثين ينقطع أصل السفر، ومن حيث تحقق العشرة في ضمنها تنقطع كثرة السفر، وإنما لا نقول بانقطاع الكثرة بمجرد إقامة العشرة بلا نية للملازمة المدعاة بين انقطاع السفر وانقطاع كثرته، ومحققه تارة نية الإقامة مع تعقبها بها، وأخرى العشرة في ضمن الثلاثين.
وأما القول بلزوم إقامة العشرة بعد الثلاثين مترددا بعد الاستناد إلى المرسلة بضميمة دعوى الملازمة، فالوجه فيه إنا لا نقول بلزوم انقطاع كثرة السفر بعد انقطاع أصله إلا أنه لا أقل من المعية بين موجبهما، ومن المعلوم انقطاع السفر بتمام الثلاثين وكل عشرة تفرض في الثلاثين لا معية لها مع تمام الثلاثين، فلا بد من