والمعرف هو الجامع وذلك لأنه لا جامع بين الزائد والناقص إلا طبيعي البعد عن البلد وهو ليس بشرط إجماعا حتى كون الجماع بين الأمرين معرفا.
ومن جميع ما ذكرنا يتضح أنه بناء على عدم الملازمة بين المعرفين لا تصل النوبة إلى الجمع بين الأخبار بالوجوه المذكورة في الأصول من تقييد مفهوم كل من القضيتين الشرطيتين بمنطوق الأخرى، أو تقييد إطلاق منطوق كل منهما، بجعلهما معا شرطا، أو جعل الجامع شرطا، فإن هذه الوجوه كلها مناسبة لمقام السبب والشرط لا لمقام المعرفية فلا بد على هذا المبنى من تعيين المعرف الملازم للبعد الخاص الذي هو في الحقيقة شرط وجوب القصر وكثرة أخبار خفاء الأذان واشتهاره في الصدر الأول كما يظهر من خبر منتظر الرفقة (1) وعدم وضوح دلالة خفاء البيوت، يوجب الاعتماد على خصوص خفاء الأذان وجودا وعدما بل ربما يقال كما عن بعض الأساطين (قدس سره) " إن خبر تواري الرجل عن البيوت لمجرد التنبيه على ملاك الحكم لا أن معرف " لكنه بعيد.
الأمر الثالث لا ريب في أن انفكاك أحد المعرفين عن الآخر لأحد أمرين:
الأول: تفاوتهما في المرتبة بأن يلاحظ سماع الأذان بما هو صوت عال مع رؤية البيوت متميزة بخصوصياتها أو سماع الأذان متميزة فصولها مع رؤية البيوت بما هي بيوت، فضلا عن رؤية أشباحها، ومن البين أن خفاء الأذان ينفك حينئذ عن خفاء البيوت، لكن هذا أجنبي عن انفكاك أحد المعرفين عن الآخر، لأن كل مرتبة ملازمة لبعد خاص، وإنما الانفكاك يتصور فيما إذا لوحظا في مرتبة واحدة ومع ذلك ينفك أحدهما عن الآخر، وعليه فأما لا ملازمة بينهما، ولا ملازمة أصلا لأحدهما بالخصوص مع البعد الخاص، وأما لا انفكاك.
الثاني: تفاوتهما بلحاظ العوارض، كما إذا كان الهواء مخالفا يمنع عن سماع