عدمي، وهو من لم يكن مسافرا. وإما أن يكون موجبا لتعنونه بعنوان وجودي، وهو كونه حاضرا، الذي هو ضد عنوان المسافر وعلى أي حال فمقتضى الأصل هو الاتمام لليقين بعدم كونه مسافرا قبل قصد هذا المسافة المشكوكة والآن كما كان، ولليقين بكونه حاضرا قبل هذا القصد والآن كما كان، فيتعبد بحكمه وهو الاتمام.
نعم بين العنوان العدمي والوجودي فرق، وهو إن التعبد بعدم كونه مسافرا، كما إنه تعبد بعدم موضوع القصر كذلك تعبد بما هو عنوان للعام، فكما ينفي به وجوب القصر كذلك يثبت به وجوب الاتمام تعبدا، بخلاف ما إذا كان العام معنونا بعنوان وجودي، فإن نفي موضوع القصر لا يوجب إثبات موضوع الاتمام إلا بناء على الأصل المثبت، فلا بد من إثبات موضوع التمام بإجراء الأصل فيه. وأما نفي وجوب القصر بعد إجراء الأصل في موضوع الاتمام فلا حاجة فيه إلى إجراء الأصل الموضوعي، لأن نفس وجوب الاتمام تعبدا يمنع عن فعلية ضده، فوجوب القصر فعلا محال بعد فرض المضادة شرعا بين وجوب الاتمام ووجوب القصر على مكلف واحد في وقت واحد. فلا حاجة إلى التعبد بنفيه، ولو بنفي موضوعه. وهذا المعنى غير جار في طرف التعبد بعدم وجوب القصر ليكون لازمه وجوب الاتمام فعلا، لأن لازم كونهما متضادين عدم اجتماعهما لا عدم ارتفاعهما، والاجماع على الملازمة إنما هو بالإضافة إلى الواقع، وإنه لا يخلو الواقع عن أحد أمرين: وجوب القصر، أو وجوب الاتمام، ولا في مقام التعبد مع عدم وجوب ملاكه، ومع وجود ملاكه لا حاجة فيه إلى الاجماع على الملازمة، بل يجري الأصل الموضوعي في كليهما.
فتدبره جيدا. ومن جميع ما ذكرنا تبين جريان الأصل على أي حال، فينحل العلم الاجمالي المقتضي للجمع. هذا تمام الكلام في بيان المسافة، وما يختص بها من الأحكام.
[في أحكام قصد المسافة] وأما قصدها المتأخر عنها طبعا ولذا أخرنا البحث عنه. فتحقيق الحال فيما يتعلق به ببيان أمور: