ويكفي في أصل اعتباره مرسلة يونس (1) المنجبر إرسالها بعمل الأصحاب، ولا يلتفت إلى ما عن هكذا الأصل بعض المتأخرين من الخدشة في سندها، أو الخدشة في دلالة بعض الأخبار المستدل به هنا.
إنما الكلام في أمور ينبغي التنبيه عليها:
أحدها: أن الإقامة المذكورة هل هي رافعة لحكم كثرة السفر؟ وهو مقتضى شرطية عدمها أو أنها رافعة للموضوع اعتبارا وتنزيلا؟ ومقتضاه كون عدمها مقوما للموضوع اعتبارا شرعا، ويترتب على كون الإقامة رافعة للموضوع كون المسافر بعد الإقامة كالمبتدئ بالسفر لا بد في إتمامه من سفرتين أو ثلاث على الخلاف. وعلى كون الإقامة رافعة للحكم بقاء الموضوع على حاله، والمتيقن من شرطية عدم الإقامة شرطية عدمها لترتب الحكم على لسفرة الأولى دون الثانية والثالثة، فيتمسك بإطلاق ما دل على وجوب الاتمام على كثير السفر. والظاهر من روايات الباب هو الأول، إذا لا دلالة لها إلا على أن المقيم يجب عليه القصر في سفره ويرتفع عنه وجوب الاتمام، فيفيد شرطية عدم الإقامة لوجوب الاتمام على المكاري مثلا.
والثاني يتوقف على تنزيل المكاري مع الإقامة منزلة من لم يكن مكاريا، نظير تنزيل المقيم في أخبار عرفات منزلة أهل مكة بعنوانه في لسان الأخبار، مضافا إلى أن ظاهر التعليل بقوله (عليه السلام) " لأنه عملهم " (2)، أن الكبرى الكلية من كان عمله السفر يتم، ولا يزول هذا العنوان إلا بالاعراض عن الحرفة لا بإقامة العشرة، فمع انحفاظ العنوان وقصور دليل الشرطية في غير السفرة الأولى يجب العمل بتلك الكبرى الكلية وأما ما في صدر المرسلة بقوله " سألته عن حد المكاري...
الخ " (3)، فليس سؤالا عن الحد المصطلح المتكفل لبيان حقيقة الشئ وما يتقوم به حتى يستكشف منه أن للمكاري حقيقة عند الشارع غير ما عند العرف، بل شروط الشئ ء عرفا من حدوده كما هو واضح، مع أن التعبير بالحد في سؤال الراوي لا في