الموجود بالعرض حصة من الجامع موجودة بوجود فرده، ولذا قيل: إن إنسانية زيد مغايرة وجودا لإنسانية عمرو.
ومنه يتبين الخدشة في الاطلاقات المقيدة بالإرادة الظاهرة في ما هو بالحمل الشايع إرادة، ولا تكون كذلك إلا إذا كانت موجودة بالذات وأما الموجود بالعرض فليس موجودا بالحقيقة بل بالعرض والعناية.
ثم يستثنى مما ذكرنا ما إذا قصد الجامع ابتداء فإنه موجود بالذات، كما إذا قصد قطع ثمانية فراسخ من دون تعيين بالفعل، وتعينه فيما بعد من باب تشخص ما قصده بالعناية. وينحصر حينئذ تعميم القصد إلى الموجود بالذات، والموجود بالعرض في الأدلة المسوغة للعدول. والتعميم من حيث الحصة والجامع أيضا في ما ورد فيها من التعليل، فمن يناقش في تلك الأدلة سندا أو دلالة، ويناقش في التعليل من أنه حكمة لا علة، فله الاقتصار على قصد المسافة الشخصية واستمراره، لكنك قد عرفت صحة الاستدلال بالتعليل. وعليه فليس معنى الاستمرار بقاء القصد الموجود فإنه فرع الوحدة، بل مجرد كون السير مقصودا ثانيا على حد كونه مقصودا أولا.
الأمر الثالث إذا تردد في الأثناء قبل بلوغ أربعة فراسخ، ثم عاد إلى الجزم على الذهاب قبل قطع المسافة في حال التردد، ففيه وجهان: والأوجه القصر، سواء كان ما بعد التردد بنفسه مسافة أم بضم ما قطعه قبل التردد وذلك لما سيجئ إن شاء الله تعالى من أن السفر العرفي لا يتعدد إلا بتخلل القاطع، وهو أحد الأمور الآتية: من المرور إلى الوطن، أو الإقامة، أو التردد ثلاثين على المعروف، نظرا إلى أن الحضور في الوطن وما نزل منزلته ضد السفر وهو البروز إلى خارج الوطن المستلزم للبعد عن الوطن والتغرب والغيبوبة عنه. فما لم يحصل ما هو ضد السفر فهو على وحدته. غاية الأمر أن الشارع اعتبر في مقام إيجاب القصر على المسافر عرفا أمورا: ككون المسافة ثمانية فراسخ، وقصدها من أول الأمر، واستمراره. فمتى