وعدم عليته الغائية معنى آخر. والكلام هنا في الثاني كما أن مورد البحث في باب التجري هو الأول، بل أمر العناوين المحرمة المنطبقة على سفره كذلك، فإن ترتبها الواقعي وعدمه مناط حرمة السفر واقعا وعدمها، إلا أن مناط وجوب الاتمام قصد تلك العناوين بسفره، فلو سافر بعنوان تشييع الظالم فقد قصد عنوانا محرما بسفره، وإن تخلف عنه العنوان إما لعدم اللحوق بالظالم ليكون سيره عقيب سيره، أو لعدم كونه ظالما. فالمراد من السفر في معصية الله تعالى السفر بقصد أحد عناوين المعاصي.
وأما ما قيل من صدق المعصية بمخالفة النهي الشرعي الظاهري فلا يتم إلا على الموضوعية. وأما على الطريقية فلا بد من أن يكون الحكم المماثل المجعول مقصورا على صورة مصادفة الواقع. وأما ترتب العقاب على مخالفته كترتبه على التجري لاشتراكهما مع المعصية الحقيقية من حيث الخروج عن زي الرقية ورسم العبودية فهو أمر آخر غير كون السفر محرما أو معصية. فتدبر.
وعلى هذا يقوي القول بوجوب الاتمام عند تخلف الغاية أو عنوان الحرام.
والاحتياط لا يترك على أي حال.
الأمر الحادي عشر إذا سافر في شهر رمضان بقصد المعصية ثم عدل إلى قصد الطاعة فإن كان العدول قبل الزوال وجب الافطار لأنه مسافر قبل الزوال بقصد الطاعة، وإن كان العدول بعد الزوال ففيه وجهان: كما عن بعض أجلة العصر (رحمه الله) -.
أحدهما: الاتمام نظرا إلى أن سفره قبل العدول كلا سفر فهو من حين عدوله مسافر لا يمشي في المعصية فيجب عليه الاتمام كم أنشأ السفر المباح بعد الزوال.
ثانيهما: الافطار نظرا إلى أنه مسافر على الفرض قبل الزوال فما دام على المعصية يصوم وما دام على الطاعة يفطر، وإن أدلة السفر بعد الزوال لا تعمه لظهورها فيمن سافر بعد الزوال.
والتحقيق ما مر منا مرارا من أن الاتمام غير مشروط بشئ، بل القصر. ومن