الخامسة:
ما رواه عما كما في التهذيب " قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل يخرج في حاجة فيسير خمسة فراسخ أو ستة فراسخ، فيأتي قرية فينزل فيها ثم يخرج منها فيسير خمسة فراسخ أو ستة لا يجوز ذلك، ثم ينزل في ذلك المنزل (الموضع) قال (عليه السلام): لا يكون مسافرا حتى يسير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ فليتم الصلاة " (1).
بتقريب: إن موجب الاتمام إما عدم سير ثمانية امتدادية وهو خلاف النصوص المصرحة بكفاية التلفيق وإما عدم الرجوع في يومه المفروض في الرواية الصريحة في النزول في القرية ولا أقل من يوم.
ويندفع بأن الجواب الذي هو كالتعليل لوجوب الاتمام لا يعقل أن يكون منوطا بعدم الرجوع ليومه، فإن الملفق من فراسخ الذهاب والإياب، ثمانية وأزيد سواء رجع ليومه أو لا، لما مر من استحالة دوران كونه ثمانية مدار الرجوع ليومه فإن الملفق ثمانية على أي حال، فلا يمكن تنزيل الجواب على عدم الرجوع ليومه.
نعم ظاهره إن الخروج لأجل الحاجة فتمادى به السير إلى خمسة فراسخ أو ستة، فالمفقود في هذا الفرض قصد المسافة وهو المعتبر في التكليف بالقصر دون قطعها بمجرده، كما يؤكده وروايته الأخرى " عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل يخرج في حاجة وهو لا يريد السفر فيمضي في ذلك يتمادى به المضي حيث يمضي به ثمانية فراسخ كيف يصنع في صلاته؟ قال (عليه السلام) يقصر الخ " (2) فالمورد في كليهما خال عن القصد، لكن حيث أن مسافة الذهاب أقل من ثمانية في الأول فلا يقصر في إيابه وحيث إنها ثمانية في الثاني فيقصر في إيابه.
وبالجملة الموجب للاتمام ليس عدم كفاية التلفيق، ولا عدم الرجوع ليومه، بل عدم القصد.