بقصد المتبوع واقعا، حكم هنا بكفاية القصد الاجمالي في وجوب القصر واقعا.
الأمر الرابع هل العلم بمفارقة المتبوع أو الظن بها أو احتمالها يمنع عن قصد التابع لقطع المسافة بتمامها؟ وهذا العنوان الذي تفرد به بعض أعلام السادة (1) (قدس سره) في قبال الأمر الآتي وهو العزم على المفارقة معلقا على أمر معلوم الحصول أو مظنونه أو مشكوكه المعنون في كلمات القوم يحتمل أحد أمرين:
الأول: العلم بمفارقته للمتبوع اختيارا لموجب أقوى من موجب قطع المسافة بتمامها بناء على أن العلم ينفك عن العزم على المفارقة فعلا كما يظهر من صاحب الجواهر (2) في بعض كلماته في المقام.
والثاني: العلم بمفارقة المتبوع قهرا.
أما الأول: فمع العلم بالمفارقة عن عزم لموجب أقوى من موجب العزم على قطع المسافة بتمامها لا يعقل انقداح العزم على قطع المسافة، لأنه من المعلول بلا علة، لا من باب كون العزم اللاحق مناقضا للعزم السابق حتى يتخيل أنه من العلم بالناقض في المستقبل، أو يتخيل أنه مناقض لاستمرار القصد لا لأصله، بل العزم بالفعل لا بد من تعلقه بقطع المسافة بتمامها، لا إلى حال حصول موجب المفارقة، ومع فرض أقوائية موجب المفارقة لا موجب بالفعل لمثل هذا الموضوع.
ومنه يظهر حال الظن بالمفارقة واحتمالها، فإن الموجب للمفارقة على الفرض أقوى، فمع احتماله لا يؤثر احتمال الموجب الأضعف للتأثير فضلا عما إذا كان الموجب للمفارقة مظنونا، فإنه لو فرض هناك فعلان متضادان في عرض واحد وكان مصلحة أحدهما أقوى من مصلحة الآخر فلا محالة يؤثر احتمال ما فيه مصلحة أقوى دون ما فيه احتمال مصلحة أضعف، فضلا عما إذا كان الأقوى مظنونا