تبقى إطلاقات أدلة اعتبار حد الترخص وجواز القصر على حالها من حيث إطلاقها سليمة. فإن ما يمكن أن يكون مقيدا لها مبتلى بمعارض صريح، وطريق الاحتياط واضح.
المسألة الثالثة [في اعتبار عدم المرور بالوطن وما نزل منزلته] في الشرط الثالث وهو أن لا يقصد المرور بالوطن أو الإقامة قبل بلوغ الثمانية.
وهذا أمر آخر غير اعتبار استمرار قصد الثمانية إلى آخر المسافة وذلك لأن مبنى هذا الشرط على أن المرور بالوطن قاطع للسفر وموجب لكون ما بعده سفرا آخر، واستمرار قصد الثمانية شرط في كل سفر، فمرجع هذه الشرط إلى اعتبار وحدة السفر وإن قصد الثمانية في السفر الواحد شرط، فلا يجدي قصد الثمانية في سفرين بحلول القاطع الموجب للاثنينية، فعدم استمرار القصد في السفرين من باب السالبة بانتفاء الموضوع.
توضيحه: إن السفر كما أشرنا إليه سابقا هو عرفا البروز عن المنزل إلى المقصد ولازمه البعد عن المنزل والتغرب عنه فالمرور إليه والحضور فيه ضد السفر عرفا ولا محالة يكون قطع المسافة بعده سفرا آخر وقصد الثمانية يعتبر في كل سفر كسائر شرائط وجوب القصر و بهذه الملاحظة يكون المرور إلى الوطن قاطعا وبملاحظة شرطية وحدة السفر يكون عدمه شرطا لوجوب القصر فالقاصد للمرور إلى الوطن غير قاصد للمسافة المعتبرة في سفره وهذا المعنى في المرور إلى الوطن حقيقي وفي المرور إلى محل الإقامة تنزيلي.
بيانه: أن جميع الأخبار الواردة في باب إقامة العشرة ووجوب الاتمام في تلك المدة غير مجدية لاعتبار قاطعية الإقامة بل حالها حال العزم على الرجوع أو التردد في الأثناء من حيث فقدان شرط بقاء القصد فيكون المرور إلى محل الإقامة من جزئيات عدم استمرار القصد في قطع تمام الثمانية فلا بد من دليل يدل على اعتبار قاطعيتها وكون السفر سفرين.