ومنها: صحيحة زرارة: " قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن التقصير، قال (عليه السلام): بريد ذاهب وبريد جائي " (1) " وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أتى ذبابا قصر. وذباب على بريد وإنما فعل ذلك لأنه إذا رجع كان سفره بريدين ثمانية فراسخ " (2).
ومنها موثقة ابن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) " قال: سألته عن التقصير، قال (عليه السلام): في بريد، قلت بريد؟ قال (عليه السلام): إذا ذهب بريدا ورجع بريدا فقد شغل يومه " (3). ويظهر من هاتين الروايتين أن الثمانية الملفقة ليست موضوعا آخر للحكم على حد موضوعية الثمانية الامتدادية، بل الاعتبار في المسافة بالعنوان الجامع، فالثمانية الامتدادية والملفقة شرط بعنوان كونهما ثمانية فراسخ من دون خصوصية للامتدادية، كما أنه شرط أو معرف باعتبار جامع آخر وهي: " مسيرة يوم " فإن المراد " بشغل اليوم " استيعابه بالسير فيكون الاعتبار بكونه بمقدار سير يوم من دون نظر إلى الامتداد.
وحيث عرفت أن باب هذين التعليلين باب إدراج الصغرى تحت كبرى كلية، هو عنوان الشرط، تعرف قوة القول بالتلفيق كيفما اتفق ولو كان مسافة الذهاب أقل من أربعة مع تتميمها ثمانية بالإياب من طريق أبعد. فإن توهم كون التعليل حكمة، مدفوع بأن التعليل بعنوان حصول الشرط، وهو العنوان الجامع بين الامتداد والتلفيق، ولا يعقل أن يكون عنوان الشرط حكمة للاشتراط. فحديث دوران الأمر بين كونه حكمة وعلة ناقصة، أو علة تامة، غير صحيح هنا بالخصوص وإن أمكن في غيره.
ولا يتوهم منه صحة التردد مرارا في حصول الثمانية التي هي شرط، لأن ظاهر التعليل حصول الشرط بالذهاب من منزله والإياب إليه لا بذهابات وإيابات.
وما ورد من أن أدنى التقصير بريد فبالنظر إلى الغالب من اتحاد طريق الذهاب