المسألة الأولى في الشرط الأول وهو قصد المسافة، كما عن غير واحد، أو المسافة بنفسها، بجعل القصد شرطا آخر كما عن آخرين، وأما اعتبار المسافة، مع تعقيبه بشرط ثان وهو قصد المسافة كما في الشرايع (1)، والصحيح هو الأول، لوضوح أن المسافة لو كانت بنفسها شرطا، للزم تحققها بالتلبس بها في وجوب التقصير، مع أنه لا شبهة في عدم اعتبار فعلية التلبس بمقدار نفس المسافة في لزوم القصر حدوثا كما سيأتي إن شاء الله تعالى. ولا يجدي ضم الاعتبار بمعنى التقدير أو الاحراز إلى المسافة، كما في الشرايع، فإنه إن كان مغنيا عن القصد كما سيأتي إن شاء الله تعالى كان اعتبار القصد بعده بجعله شرطا آخر لغوا، وإن كان يجب القصد بخصوصه كان متقوما بالاحراز فيلغوا اعتباره في قباله، فيلزم إما لغوية الشرط الأول، وإما لغوية الشرط الثاني. وحيث إن قصد المسافة ينحل إلى حيثيتين، لكل منهما آثار، وللمسافة تقدم طبيعي على قصدها، فنذكر المسافة بما لها من الآثار، ثم نعقبه بذكر القصد وآثاره.
في تحقيق المسافة فنقول: أما المسافة ففيها أمور ينبغي التنبيه عليها.
[الأمر الأول] في تحديد المسافة والأخبار فيه مختلفة، ففي بعضها إناطة الحكم بمسيرة يوم وبياض يوم (2)، وفي بعضها إناطته بثمانية فراسخ (3)، وفي بعضها بأحد الأمرين من مسيرة يوم أو ثمانية فراسخ (4). ولذا ذهب إلى كل منها بعض الأصحاب فالشهيد الثاني إلى