الصحيحة تقيد فعل الفريضة بنية الإقامة، بل مجرد معيتهما في الزمان كاف وعدم العدول تعبدا، وفعل الصلاة في ذلك الزمان المتعبد فيه ببقاء النية كاف في تحقق الموضوع، فلا إشكال إلا من حيث معارضة الأصلين، وإما استصحاب بقاء الحضور أو استصحاب وجوب الاتمام فيمكن دفعه بأن بقاء الحضور كبقاء وجوب الاتمام مشروط شرعا بفعل صلاة تامة قبل العدول أو مع نية الإقامة وهذا المعنى متيقن العدم بعد نية الإقامة، ومع التعبد بعدم الشرط لا معنى لاستصحاب المشروط وإن لم يعلم به حال هذه الصلاة المأتي بها من حيث الاقتران بالنية أو بالعدول، ولا يعارض بأصالة عدم العدول قبل الصلاة فإن موضوع الحكم بالقصر كما عرفت عدم فعل الصلاة إلى أن يتحقق العدول وهو مطابق للأصل فتدبر جيدا.
ومما ذكرنا تبين أن الأقوى هو الحكم بالقصر وأما حكم نفس الصلاة المأتي بها من حيث الصحة والفساد فلا مانع من إجراء قاعدة الفراغ الحاكمة على الأصل المتقضي لعدم حصول شرط التمام.
[الفرغ] الخامس:
إذا صلى ثم عدل فشك في صحة صلاته وبطلانها ولو من جهة الشك في الركعات فقاعدة الفراغ تقضي بصحة صلاته، والعدول بعد الصلاة الصحيحة شرعا مشمول للصحيحة، إذ من الواضح أن قوله (عليه السلام): " إذا صليت صلاة فريضة واحدة بتمام " (1) أعم مما كانت صحيحة وجدانا أو تعبدا، إذ قلما يتفق عدم الحاجة إلى إجراء أصل أو أصول في الحكم بصحة الصلاة، فالعدول بعد الصلاة الصحيحة وجداني لا بقاعدة الفراغ تعبدا حتى يبني على أماريتها، بل أماريتها أجنبية عن العدول الأجنبي عن الصلاة، فإن ارتكاز الإرادات المنبعثة عن الإرادة التفصيلية في أول العمل لا يقتضي إلا إتيان الأجزاء والشرائط في مواقعها