والملكة، لا بنحو السلب والايجاب. فعدم إرادة ثمانية فراسخ ممن له القابلية للإرادة في قبال ما فرضه السائل من إرادة طي المسافة شيئا فشيئا للحوق بصاحبه في الطريق.
وعليه فكما أن إطلاقات الفتاوى مخدوشة كذلك دلالة المقيد على التقييد بقول مطلق. وقد عرفت حال إطلاقات القصر أيضا. فمقتضى الأصل هو الاتمام، كما أن الأحوط الجمع كما عرفت.
الأمر الثالث لا فرق في القصد الذي هو ملاك القصر بين كونه بالاستقلال وكونه بالتبع بأنحاء التبعية الاختيارية والاكراهية والواجبة وغيرها، إذا المفروض تحقق القصد من التابع، كما يتحقق من المتبوع، وإنما الفرق بينهما في الغاية الموجبة للقصد، فما يوهم من كفاية قصد المتبوع عن قصد التابع في بعض الكلمات لا بد من تأويله، إذ كل منهما مكلف بالقصر المشروط بالقصد. والتبعية ليست ملاكا شرعيا آخر للقصر، بل لا يعقل انفكاك قصد المتابعة على أي تقدير عن قصد قطع المسافة كما سيجئ إن شاء الله تعالى.
ثم إن التابع إذا علم قصد المتبوع للمسافة أو علم مقصده كفى كل منهما في قصده للمسافة الواقعية المحكوم على قاصدها بالقصر. وإن لم يعلم أحدهما وجهل القصد والمقصد فالمعروف أنه محكوم بالاتمام واقعا، معللين له بفقد الشرط وهو قصد المسافة الواقعية، أعني ما هو مسافة بالحمل الشايع.
ويمكن أن يقال: إن معرفة القصد أو المقصد لا تخلو إما أن يكون لتعلق القصد بثمانية فراسخ بعنوانها، وإما أن يكون لتعلق القصد إجمالا بالثمانية بالحمل الشايع، فإن كان الفرض هو الأول فاللازم عدم كفاية معرفة المقصد حتى في المتبوع فإنها بمجردها لا تحقق قصد الثمانية بعنوانها مع أن الظاهر منهم كفاية قصدها الاجمالي، مع أنه لا موجب لجعل قطع المسافة من العناوين القصدية كعنوان التعظيم ونحوه، وإن كان الفرض هو الثاني فمعرفة المقصد لا موضوعية له، بل لتحقيق تعلق القصد