الرجوع ليومه، إلا في قوله (عليه السلام): " يرجع من يومه " (1)، بالتصرف الشايع في نظائر المقام بقرينة كونه في مقام تحديد المسافة، وإعطاء الميزان والمقياس الذي لا يراد منه فعلية البيتوتة، أو فعلية الرجوع من يومه.
وأما صاحب السفينة فإنما يجب عليه الافطار لبلوغ المسافة ثمانية امتدادية لما في الأنهار من الدورات والاعوجاجات الموجبة لبعد المسافة بالإضافة إلى البر، لا لما في حركة السفينة من البطئ بالإضافة إلى سير الدابة، وما في السؤال (2) من تحديد المسافة بأربعة فراسخ لما هو المعتاد في التحديدات من ملاحظة البعد بين البلد والمقصد بالنسبة إلى البر، إلا مع انحصار الطريق في البحر.
ومنه يظهر إن دعوى كون المسافة من طريق الماء أربعة، وإنه لمكان بطؤ سير السفينة لا يتمكن من طي المسافة إلا في يوم أو أزيد وإن الموجب للقصر هو التلفيق بالرجوع لغير يومه وإن المسافة بحسب البر أقل من أربعة فلذا يجب الاتمام، وإن رجع ليومه.
مدفوعة بما عرفت، مع أن التقييد بقوله (عليه السلام): " يرجع من يومه " (3) مما لا حاجة إليه إلا تنبيها على الحكم بالأولوية، بمعنى أنه يجب عليه الاتمام إذا رجع ليومه، فضلا عما إذا لم يرجع ليومه كما هو مفروض السؤال.
وبالجملة فهذه الرواية بملاحظة ما ذكرنا أحسن ما في الباب، ولا ينبغي إدراجها في المؤول في قبال النص والظاهر لئلا يصح الاستدلال بها إذ لا تصرف فيها بموجب عقلي، لمنافاته لما هو المشهور، أو لما هو المجمع عليه، صونا للكلام حتى يعد من المؤول. إلا أنه لا يكافؤ ظهورها في اعتبار الرجوع ظهور أخبار عرفات في عدم اعتباره، ولا سنده من حيث إرساله للصحاح والموثقات الواردة في تلك الروايات والله أعلم.