تنحل جميع تلك الوجوه إذ ليس للإقامة حقيقة شرعية ليدعى أنها خصوص اللبث المضاد للخروج، بل معناها العرفي ما ذكرناه، ولا يقاس قصد جعل محل واحد مقر ومستقرا والخروج إلى ما دون المسافة لحاجة، بقصد جعل المحلين مقرا لنفسه و مستقرا له، كما أن جعل محل مقرا له لا يقتضي دوام اللبث فيه فلا ينافيه الخروج عنه نهارا والقرار فيه ليلا مثلا فلا يلزم نقص العشرة.
نعم لو خرج ليلا ونهارا لزم النقص في العشرة حيث لم يتصف يوم منها بالقرار والاستقرار فيه.
وأما ناقضية التجاوز عن حد الترخص للإقامة، فمدفوعة بأن التجاوز حد لمن سافر من بلده أو محل إقامته، ولا يدور هذا المعنى مدار قاطعية الإقامة لموضوع السفر ورافعيتها حكمه، فإن البناء على كونها رافعة لوجوب القصر فقط، وبقائه على كونه مسافرا أيضا على نحوين: فتارة يخرج عن محل الإقامة مرتحلا عنه ومتمما لسفره الأول عودا على بدء فهذا هو الذي يجب عليه القصر عند تجاوزه عن حد الترخص.
وأما من لم يرتحل عنه وهو باق على بنائه على أن المحل مقره ومستقره، فلا موجب لتحديد خروجه بعدم بلوغ حد الترخص حيث لا سفر منه ولو بعنوان العود على سفره.
فالتحقيق: إن نية الخروج إلى ما دون المسافة لا ينافي نية الإقامة بالمعنى الذي ذكرنا التي هي الإقامة العرفية في البلد في قبال الرحلة عنه فتدبر جيدا.
سادسها: بعد البناء على عدم مانعية نية الخروج إلى ما دون المسافة لنية الإقامة هل يعتبر توالي العشرة واتصالها أم يكفي كونها متفرقة بحيث إذا خرج ولم يرجع إلى اليوم الآخر كفى إكمال العشرة بيوم آخر؟ مقتضى ما تقدم من المشهور في مسألة الإقامة ستة أشهر متوالية كانت أم متفرقة، للاطلاق، فلا بد من القول به هنا إلا أن الظاهر اعتبار التوالي وعدم الانفصال كما في غير هذا المورد من الموارد التي أخذ في موضوع الحكم عدد خاص من الأيام أو الشهور والله العالم.