لأهلها.
ويمكن أن يقال بابقاء الرواية على حالها من دون التزام بالقلب ولا بتقدير الأهل، بتقريب إن السفر هو البروز من البلد إلى المقصد بالغيبة عنه في قبال حضوره، فما دام لم يتجاوز ذلك البعد الخاص يكون حاضرا غير غائب عن بلده، فالمراد بتواريه عن البيوت غيبته عنها، ولازمها عدم رؤيته لها، والتواري وإن كان بين اثنين إلا أن نسبته إلى خصوص المسافر، لأنه المسافر عن بلده في قبال الحاضر فيه، فيناسب نسبة الغيبة والتواري إليه لا إلى بلده أو أهله، فهذه العلامة كما أنها معرفة للبعد الذي هو شرط وجوب القصر، منبهة على مناط الحكم أيضا ولا حاجة إلى ما أفاد شيخنا العلامة الأنصاري (قدس سره): " من أن تخصيص التواري بالمكلف، بملاحظة أنه السبب لايجاد البعد دون البيوت وأهلها " (1).
ومما ذكرنا يتضح أن ما في كلمات المشهور من أن الشرط عدم رؤية البلد مثلا ليس مبنيا على القلب ولا على مجرد الملازمة بين تواري الشخص وتواري البلد. وسيجئ إن شاء الله تعالى ملاك التواري عن البيوت بحيث يجامع عدم سماع الأذان.
الأمر الثاني نسب إلى المشهور بين المتقدمين أن أخذ الأمرين من خفاء الجدران وخفاء الأذان كاف في معرفة بلوغ الخاص. ونسب إلى المشهور بين المتأخرين لزوم اجتماعهما. وعن بعضهم الاقتصار على خفاء الجدران. وعن آخر الاعتماد على خفاء الأذان. ومنشأ الاختلاف تفاوت أنظارهم في الجمع بين الأخبار ولا يخفى أن تعارض الأخبار والجمع بينها بتفاوت الأنظار لا يكاد يوجه إلا بملاحظة انفكاك كل واحد من الأمرين من الآخر، أو انفكاك أحدهما بالخصوص عن الآخر وإلا فليس للبحث ثمرة عملية إذ مع فرض الملازمة وعدم الانفكاك خارجا يجب