لقد نص القرآن الكريم في غير سورة وآية على وجود المنافقين والذين في قلوبهم مرض، بين من كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مكة وهاجر معه إلى المدينة... يقول سبحانه وتعالى في سورة المدثر التي لا خلاف في كونها مكية: * (وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا...) *.
لكن ابن تيمية ينكر وجود المنافقين، خلافا للقرآن الكريم:
" واعلم أنه ليس في المهاجرين منافق، وإنما كان النفاق في قبائل الأنصار، لأن أحدا لم يهاجر إلا باختياره، والكافر بمكة لم يكن يختار الهجرة ومفارقة وطنه... " (1).
أقول:
قال: " والكافر بمكة لم يكن يختار الهجرة... ".
أقول:
هذا صحيح، لكن الكلام في " المنافق بمكة " فإنه يختار الهجرة ومفارقة وطنه طمعا في الدنيا والرياسة كما هو واضح... والكلام في " المنافق " لا " الكافر ".
ولا يخفى أن ابن تيمية قد طرح هذا المطلب في جواب قول العلامة عن كون أبي بكر مع النبي في الغار، حيث قال: " يجوز أن يستصحبه معه لئلا يظهر أمره، حذرا منه ".