واضطرب كلامه، فتارة أنكر تخلف غير سعد وقال: " قد علم بالتواتر أنه لم يتخلف عن بيعته إلا سعد بن عبادة " (1). وأخرى اعترف بتخلف غير سعد بصراحة حيث قال: " لم يتخلف عنها إلا نفر يسير كسعد بن عبادة " (2). وقال في الكلام عن من تخلف عن بيعة علي: " وأما من تخلف عن مبايعته فعذرهم في ذلك أظهر من عذر سعد بن عبادة وغيره لما تخلفوا عن بيعة أبي بكر، وإن كان لم يستقر تخلف أحد إلا سعد وحده، وأما علي وغيره فبايعوا الصديق بلا خلاف بين الناس، لكن قيل: إنهم تأخروا عن مبايعته ستة أشهر ثم بايعوه " (3).
ففي هذا الكلام يعترف بتخلف غير سعد، وهم أمير المؤمنين وغيره، فيصرح بأنهم تأخروا عن مبايعته ستة أشهر، مع نسبة هذا الخبر - وهو الذي أخرجه البخاري من طريق الزهري - إلى " القيل "... وقد جاء في هذا الخبر أنهم إنما بايعوه بعد أن توفيت الزهراء الطاهرة وأعرضت وجوه الناس عن علي عليه السلام، فاضطروا إلى البيعة... لكن ابن تيمية لا ينقل هذا الحديث الصريح في كون بيعتهم - وذلك بعد ستة أشهر - عن اضطرار وإكراه! بل يعبر عن موقفهم هذا ب " التأخر " ويجعل " التخلف " مختصا بسعد بن عبادة!! لكن العجب أنه في موضع آخر يناقض نفسه، فيزعم أن سعدا أذعن لأبي بكر بالإمارة، وهذا عين كلامه:
" بل قد روى الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في مسند الصديق عن عفان، عن أبي عوانة، عن داود بن عبد الله الأزدي، عن حميد بن عبد الرحمن - هو الحميري - فذكر حديث السقيفة وفيه: إن الصديق قال: ولقد علمت يا سعد أن