التعاليم، لم تمت نزعة العصبية وكانت تظهر بقوة إذا بدا ما يهيجها (1).
وقال محمد فريد وجدي: إن المؤرخين الأقدمين والمحدثين حفظوا أمام حوادث الصدر الأول من هذه الأمة ظاهرا من الأدب، وامتنعوا عن إبداء آرائهم في تلك الحوادث الهائلة التي كانت أكبر الحوادث الانقلابية في هذه الأمة، لما احتوته من أسرار التقدم وعلل التأخر معا، فجاء تاريخ ذلك العصر الفائض بالحياة مغمضا مستورا، وظن أكثر المسلمين أن الإنسان يأثم إن انتقد أحد الصحابة أو رأى خلاف رأيه واستحال لديهم هذا الظن إلى وسوسة حسنت لهم أن ينظروا لحوادث ذلك التاريخ من خلال حجب مموهة حتى يروا فيه كل شئ حسنا، وكل عمل متقنا، وقد غلا بعضهم فقال: إن قاتلهم ومقتولهم في الجنة..!!
والحقيقة أنهم بشر مثلنا، وإن كانوا أفضل منا تقوى وإيمانا وحبا للحق..
وقربا من النور المحمدي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولكن لا يقول أحد بأنهم منزهون عن الخطأ وبأن جميع أعمالهم حسناء، مع أنه ثبت لنا أنهم تجادلوا وتشاتموا وتضاربوا، وقتل بعضهم بعضا، ومر عليهم زمن كانت فيه المجازر بينهم على أشد ما يكون بين المتخاصمين من الشعوب المتعادية، ومن الذي ينسى أن وقعة صفين بين علي (عليه السلام) ومعاوية ذبح فيها مائة ألف مسلم، وذبح نحو ذلك في واقعة الجمل بين علي (عليه السلام) وطلحة وعائشة، ووقعة النهروان بين علي (عليه السلام) ومن خرجوا عليه من المسلمين؟!
هذه كلها وقائع حمل فيها المسلمون بعضهم على بعض بالسيف جزا في الأعناق، وطعنا في الأفئدة، وضربا في الوجوه، وبقرا للبطون.. فإذا ضربنا صفحا عن ذكر أسبابها ونتائجها بكمال الحرية، واكتفينا بأن ننظرها على غير