أقول: قد أجيب عن هذه الأسئلة في غير واحد من الآيات والروايات تصريحا أو تلويحا.. وبعد التأمل التام نجد أن الله تبارك وتعالى أرسل الأنبياء (عليهم السلام) إلى الناس ليدعوهم إلى الصراط المستقيم، وليبينوا لهم أوامره ونواهيه، وكانت سنته أن لا يجبر الناس على طاعته قهرا بل أراد أن يكون لهم الخيرة في ذلك، وجعل الدنيا دار ابتلاء وامتحان، فلم يكن الغلبة لأوليائه دائما، بل كثيرا ما تقتضي المصلحة أن لا يمنع من غلبة الكفار والمشركين والفساق على الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) وأتباعهم.. فيغيرون عليهم ويقتلونهم ويأسرونهم ويؤذونهم و.. وقد يطول مدة ملك الطواغيت إلى ما شاء الله. وبذلك يبتلي عباده كي يميز الخبيث من الطيب، والمنافق من المؤمن، والمدعي الكاذب من الصادق الصابر.. قال الله تبارك وتعالى: * (وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين * وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين * أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين) * (1).
وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في ضمن رواية: " ولو شاء [الله] لجمعهم على الهدى حتى لا يختلف اثنان من هذه الأمة، ولا ينازع في شئ من أمره، ولا يجحد المفضول ذا الفضل فضله، ولو شاء لعجل النقمة والتغيير حتى يكذب الظالم ويعلم الحق أين مصيره؟ ولكنه جعل الدنيا دار الأعمال وجعل الآخرة دار القرار: * (ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى) * " (2)