المدينة يريدون حضور جنازتها وأبو بكر وعمر كذلك، فخرج إليهما علي (عليه السلام) فقالا له: ما فعلت بابنة محمد؟ أخذت في جهازها يا أبا الحسن؟ فقال علي (عليه السلام):
" قد والله دفنتها "، قالا: فما حملك على أن دفنتها ولم تعلمنا بموتها؟ قال: " هي أمرتني "، فقال عمر: والله لقد هممت بنبشها والصلاة عليها.. فقال علي (عليه السلام):
" أما والله ما دام قلبي بين جوانحي وذو الفقار في يدي إنك لا تصل إلى نبشها..
فأنت أعلم "، فقال أبو بكر: اذهب فإنه أحق بها منا.. وانصرف الناس " (1).
وروى الخصيبي وصيتها بذلك وقولها (عليها السلام):
" لا يصلي علي أمة نقضت عهد الله وعهد أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين بعلي وظلموني وأخذوا وراثتي وحرقوا (2) صحيفتي... وكذبوا شهودي، وطفت عليهم في بيوتهم... فيجيبون ليلا ويقعدون عن نصرتنا نهارا، ثم ينفذون إلى دارنا قنفذا ومعه خالد بن الوليد ليخرجا ابن عمي... فجمعوا الحطب ببابنا، وأتوا بالنار ليحرقوا البيت... فأخذ عمر السوط... فضرب به عضدي فالتوى على يدي حتى صار كالدملج وركل الباب برجله فرده علي وأنا حامل فسقطت لوجهي والنار تسعر وصفق وجهي بيده حتى انتثر قرطي من أذني، وجاء ني المخاض فأسقطت محسنا قتيلا بغير جرم.
فهذه أمة تصلي علي؟!! وقد تبرأ الله ورسوله منها وتبرأت منها.. (3) ".
أقول: بل إنها (عليها السلام) أمرت أسماء أن لا يدخل على جنازتها أحد حتى قبل دفنها، ولذا ردت أسماء عائشة كما ورد في غير واحد من كتب العامة (4).