إليك، من كان منهم سابقا ومهاجرا وناصرا.. والثكل شاملنا، والبكاء قاتلنا، والأسى لازمنا ".
.. ثم زفرت زفرة.. وأنت أنة كادت روحها أن تخرج... ثم أخذت بالبكاء والعويل ليلها ونهارها وهي لا ترقأ دمعتها، ولا تهدأ زفرتها، واجتمع شيوخ أهل المدينة وأقبلوا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقالوا له: يا أبا الحسن! إن فاطمة (عليها السلام) تبكي الليل والنهار فلا أحد منا يتهنأ بالنوم في الليل على فرشنا، ولا بالنهار لنا قرار على أشغالنا وطلب معائشنا، وإنا نخبرك أن تسألها إما أن تبكي ليلا أو نهارا..! فقال (عليه السلام): " حبا وكرامة ".
فأقبل أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى دخل على فاطمة (عليها السلام) - وهي لا تفيق من البكاء ولا ينفع فيها العزاء - فلما رأته سكنت هنيئة له، فقال لها: " يا بنت رسول الله! إن شيوخ المدينة يسألوني أن أسألك إما أن تبكين أباك ليلا وإما نهارا ".
فقالت: " يا أبا الحسن! ما أقل مكثي بينهم.. وما أقرب مغيبي من بين أظهرهم، فوالله لا أسكت ليلا ولا نهارا أو ألحق بأبي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ". فقال لها علي (عليه السلام): " افعلي - يا بنت رسول الله! - ما بدا لك ".
ثم إنه بنى لها بيتا في البقيع، نازحا عن المدينة يسمى ب: بيت الأحزان، وكانت إذا أصبحت قدمت الحسن والحسين أمامها وخرجت إلى البقيع باكية، فلا تزال بين القبور باكية، فإذا جاء الليل أقبل أمير المؤمنين (عليه السلام) إليها وساقها بين يديه إلى منزلها، ولم تزل على ذلك (1).
وروي أنها تمثلت بشعر فاطمة بنت الأحجم (مخاطبة أباها (صلى الله عليه وآله وسلم)):