قوما من الصحابة أنكروا بكاءها الطويل ونهوها عنه وأمروها بالتنحي عن مجاورة المسجد إلى طرف من أطراف المدينة (1).
ولا بأس بذكر قطعة من رواية ورقة بن عبد الله عن فضة ليتضح معاريض كلامها في ندبتها:
.. فلما أفاقت من غشيتها قامت وهي تقول: " رفعت قوتي، وخانني جلدي، وشمت بي عدوي، والكمد قاتلي، يا أبتاه! بقيت والهة وحيدة، وحيرانة فريدة، فقد انخمد صوتي، وانقطع ظهري، وتنغص عيشي، وتكدر دهري، فما أجد - يا أبتاه! - أنيسا لوحشتي، ولا رادا لدمعتي، ولا معينا لضعفي، فقد فنا بعدك محكم التنزيل، ومهبط جبرئيل، ومحل ميكائيل، انقلبت بعدك - يا أبتاه! - الأسباب، وتغلقت دوني الأبواب، فأنا للدنيا بعدك قالية، وعليك - ما ترددت أنفاسي - باكية، لا ينفد شوقي إليك، ولا حزني عليك... يا أبتاه! أمسينا بعدك من المستضعفين ".
" يا أبتاه! أصبحت الناس عنا معرضين، ولقد كنا بك معظمين في الناس غير مستضعفين ".
فأي دمعة لفراقك لا تنهمل..؟ وأي حزن بعدك عليك لا يتصل..؟ وأي جفن بعدك بالنوم يكتحل..؟ "...
" يا أبتاه! ما أعظم ظلمة مجالسك! فوا أسفاه عليك إلى أن أقدم عاجلا عليك، واثكل أبو الحسن المؤتمن أبو ولديك - الحسن والحسين - وأخوك ووليك وحبيبك، ومن ربيته صغيرا وواخيته كبيرا، وأحلى أحبائك وأصحابك