والحق في الجهة الثانية كفاية الفعل، لأنه كالقول مصداق لإنشاء الرضا وإيجاد الاستناد. فلو سلم المالك المبيع إلى المشتري، أو مكنت الزوجة نفسها من الزوج، أو تصرف المالك في الثمن وهكذا فلا يحتاج إلى إجازة لفظية، وذلك واضح بعد ملاحظة أدلة المعاطاة وباب الخيارات.
وأما الكلام في الجهة الأولى فالأقوى عدم كفاية الرضا الباطني واعتبار فعل أو قول ينشأ به الاستناد.
وما ذكره المصنف شاهدا لكفايته لا يخلو من منع. أما ما استظهره من النصوص والفتاوى ففيه نظر.
أما النصوص: فخبر السكرانة (1) لا يدل إلا على كفاية تمكين الزوجة، لا على عدم اعتبار الإنشاء أصلا.
وخبر نكاح العبد فظاهر قوله (عليه السلام): " سكوتهم عنك إقرار منهم بالنكاح " (2) أن السكوت عرفا كسكوت البكر إمضاء.
وخبر التوقيع، وهو " لا يحل مال امرئ " (3) لا يدل إلا على جواز تصرف الغير مع إذن المالك ورضاه، لا على حصول التمليك والتملك بمجرد الطيب.
وأما الفتاوى فلا تدل إلا على عدم اعتبار اللفظ، لا على كفاية كل شئ حتى الرضا الباطني.
كما أن مفاد " لا يحل " أيضا ليس إلا اعتبار الرضا، لا عدم اعتبار شئ آخر.
والمفروض أن الفضولي فاقد لأمرين: طيب نفس المالك، واستناد العقد إليه، وقد ذكرنا ما يزيد توضيح ذلك في أول بحث الفضولي.