تقية أبي حنيفة من القاضي ابن أبي ليلى:
أخرج الخطيب البغدادي في تاريخه بسنده عن سفيان بن وكيع قال: جاء عمر بن حماد بن أبي حنيفة فجلس إلينا، فقال: سمعت أبي حماد يقول: بعث ابن أبي ليلى إلى أبي حنيفة فسأله عن القرآن؟ فقال: مخلوق. فقال: تتوب وإلا أقدمت عليك؟ قال: فتابعه فقال: القرآن كلام الله.
قال: فدار به في الخلق يخبرهم أنه قد تاب من قوله: القرآن مخلوق.
فقال أبي: فقلت لأبي حنيفة: كيف صرت إلى هذا وتابعته؟
قال: يا بني خفت أن يقدم علي فأعطيته التقية (1).
ولعدم جدوى الإكثار من صور التقية القولية سنكتفي في اختتام هذا المبحث بما قاله الشيخ مرتضى اليماني - بهذا الصدد - فيما نقله عنه جمال الدين القاسمي في تفسيره.
قال: وزاد الحق غموضا وخفاء أمران:
أحدهما: خوف العارفين - مع قلتهم - من علماء السوء، وسلاطين الجور وشياطين الخلق، مع جواز التقية عند ذلك بنص القرآن، وإجماع أهل الإسلام، وما زال الخوف مانعا من إظهار الحق، ولا برح المحق عدوا لأكثر الخلق.. (2).