يأمر جواسيس يتجسسون الخلق، ويأتون بالأخبار، فجلس رجل منهم في حلقة رجاء بن حياة فسمع بعضهم يقع في الوليد، فرفع ذلك إليه.
فقال: يا رجاء! أذكر بالسوء في مجلسك ولم تغير؟!
فقال: ما كان ذلك يا أمير المؤمنين.
فقال له الوليد: قل الله الذي لا إله إلا هو.
قال: الله الذي لا إله إلا هو.
فأمر الوليد بالجاسوس، فضرب سبعين سوطا. فكان يلقى رجاء فيقول: يا رجاء! بك يستسقى المطر وسبعين سوطا في ظهري!!
فيقول رجاء: سبعون سوطا في ظهرك خير لك من أن يقتل رجل مسلم (1).
أقول: إن تقية رجاء هنا مضاعفة.
أما أولا، فبإظهاره خلاف الواقع تقية.
وأما ثانيا، فبمخاطبته لمثل الوليد الفاسق اللعين بخطاب الموافقين تقية أيضا.
وقد حصل نظير هذه التقية لسعيد بن أشرس - صاحب مالك بن أنس - مع سلطان تونس، إذ كان قد آوى رجلا يطلبه السلطان، ولما أحضر أنكر ذلك وحلف بأنه ما آواه ولا يعلم له مكانا (2).