اتقى المعصوم عليه السلام في ظرف خاص من شرار الناس تأليفا لقلوبهم - كما سيأتيك مثاله في صحيح البخاري - ونحو هذا من المصالح العائدة إلى نفس المعصوم أو دعوته، وبشرط أن يبين وجه الحق لأهل بيته، أو لمن يثق به من أصحابه، أو على أقل تقدير لمن لا يخشى من مغبة مفاتحته بالحقيقة، لكي لا يكون ما خالفها هو السنة المتبعة.
هذا، وقد ذهب ابن قتيبة الدينوري (ت / ٢٧٦ ه) إلى أبعد من ذلك فجوز التقية على نبينا صلى الله عليه وآله وسلم في مقام التبليغ أيضا، فقال عن آية تبليغ الولاية من قوله تعالى: ﴿يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين﴾ (١) ما هذا نصه:
(والذي عندي في هذا أن فيه مضمرا يبينه ما بعده، وهو إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يتوقى بعض التوقي، ويستخفي ببعض ما يؤمر به على نحو ما كان عليه قبل الهجرة، فلما فتح الله عليه مكة وأفشى الإسلام، أمره أن يبلغ ما أرسل إليه مجاهرا به غير متوق ولا هائب ولا متألف. وقيل له: إن أنت لم تفعل ذلك على هذا الوجه لم تكن مبلغا لرسالات ربك. ويشهد لهذا قوله بعد:
(والله يعصمك من الناس) أي: يمنعك منهم.
ومثل هذه الآية قوله: ﴿فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين﴾ (2) (3).
والذي نراه: أن ابن قتيبة خلط في هذا بين التقية في التبليغ، وبين