غريبا فطوبى للغرباء (1).
وهكذا كل دعوة إلى الحق في مجتمع متعسف ظالم، لا بد وأن تكون في بداياتها غريبة، تلازمها التقية حتى لا يذاع سرها وتخنق في مهدها.
وعلى أية حال فإن التقية الواردة في أفعال وأقوال النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم بالنحو الذي ذكرناه أولا مما لا مجال لإنكاره، وإليك جملا منه:
الحديث الأول: تقية النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قريش:
أخرج البخاري في صحيحه بسنده، عن الأسود بن يزيد، عن عائشة، قالت : (سألت النبي صلى الله عليه وسلم، عن الجدر (2) أمن البيت هو؟
قال: نعم.
فقلت: فما لهم لم يدخلوه في البيت؟
قال: إن قومك قصرت بهم النفقة.
قلت: فما شأن بابه مرتفعا؟
قال: فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا، ولولا أن قومك حديث عهد بالجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الجدار في البيت وأن ألصق بابه في الأرض) (3).