من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) (1).
قال تاج الدين الحنفي في تفسيره: والمعنى: إنما يفتري الكذب من كفر بالله من بعد إيمانه، واستثنى منه المكره، فلم يدخل تحت حكم الافتراء (2).
أقول: أخرج ابن أبي الدنيا بسنده عن سوار بن عبد الله، قال: إن ميمونا (3) كان جالسا وعنده رجل من قراء أهل الشام، فقال: إن الكذب في بعض المواطن خير من الصدق، فقال الشامي: لا، الصدق في كل المواطن خير. فقال ميمون: أرأيت لو رأيت رجلا وآخر يتبعه بالسيف، فدخل الدار فانتهى إليك.
فقال: أرأيت الرجل؟
ما كنت فاعلا؟
قال: كنت أقول: لا.
قال: فذاك (4).
على أن الكذب هو ما عقد كذبا، والتقية إنما تعقد للإحسان، والإصلاح، ودفع الضرر، وتحقيق المصالح المشروعة، وفي الحديث الشريف: إنما الأعمال بالنيات، ثم كيف تكون التقية كذبا! وقد اتقى قومه أشرف الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وآله وسلم؟