وعلى الرغم من وضوح دلالة الآية على التقية سوف نذكر طائفة من أقوال المفسرين بشأنها، ليعلم اتفاقهم على مشروعية التقية قبل الإسلام، وسيأتي تصريحهم ببقائها إلى يوم القيامة. وفي هذا الصدد، نقل الماوردي في تفسيره عن الحسن البصري، أن هذا الرجل كان مؤمنا قبل مجئ موسى عليه السلام، وكذلك امرأة فرعون، فكتم إيمانه.
وأورد عن الضحاك، بأنه كان يكتم إيمانه للرفق بقومه، ثم أظهره فقال ذلك في حال كتمه (١).
ولا شك أن ما يعنيه كتمان الإيمان هو التقية لا غير، لأنه إخفاء أمر ما خشية من ضرر إفشائه، والتقية كذلك.
وأورد ابن الجوزي عن مقاتل بشأن مؤمن آل فرعون: (إنه كتم إيمانه من فرعون مائة سنة) (٢).
لقد بين لنا القرآن الكريم - قبل الآية المذكورة - السبب الذي دفع مؤمن آل فرعون إلى قوله المذكور، وهو رغبة فرعون بقتل موسى عليه السلام، قال تعالى: ﴿وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد﴾ (3).
وهنا قد يقال - كما في تفسير الرازي -: (إنه تعالى حكى عن ذلك المؤمن أنه كان يكتم إيمانه، والذي يكتم إيمانه كيف يمكنه أن يذكر هذه الكلمات مع فرعون؟).