والحسن البصري، وغيرهم، مع ادعاء إجماع الصحابة على ذلك (1).
إذن لا معنى لوقوف الإمام الباقر عليه السلام بوجه السلطة وإعلان أن الصحابة العدول بزعمهم كانوا يأكلون الميتة من غير ضرورة، زيادة على الطعن بفقهاء السلاطين، إلا التهلكة المحققة، وفي أقل تقدير سيكون إفتاء الخصم بواقع الأمر هواء في شبك لا يغير ما اعتادوه شيئا، والدليل عليه هو أن فقه أهل البيت عليهم السلام كان ولا زال موجودا ميسرا لمن أراده، ولكن مخالفته بالقياس ونظائره لم تزل قائمة إلى اليوم.
هذا، وأما عن تصريح الإمام الصادق عليه السلام بواقع الحال وعدم خشيته في تلك الفتيا، إنما يؤول إلى كونه عليه السلام عاش في ظل فترتين سياسيتين وجد فيهما متسعا ومجالا نسبيا للانطلاق في أرحب الميادين العلمية، وهما فترة تداعي الدولة الأموية، ثم تلاشيها على أيدي بني العباس، وفترة انشغال الدولة الجديدة بتثبيت أقدامها، ولكن لم تلبث تلك الدولة بعد توطيد أركانها أن حملت إمام الحق على التقية كما يعلم من قواعد الترجيح بين الأخبار المتعارضة التي بينها الإمام الصادق عليه السلام نفسه.
المثال الثاني: وهو ما حصل في قصة علي بن يقطين في مسألة تجويز الإمام الكاظم عليه السلام له في مسألة الوضوء البدعي الذي ما أنزل الله به من سلطان إذ كان يخشى عليه من طاغية زمانه هارون، ثم تنبيهه عليه السلام لعلي بن يقطين بالعودة إلى سنة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم في الوضوء بعد زوال الخطر عليه (2).