يوسف لأجبت الداعي (1)!!
ولا أعلم فرية تجوز على أشرف الأنبياء والرسل صلى الله عليه وآله وسلم التقية في ارتكاب ما أبى عنه يوسف عليه السلام واستعصم فيما لو جعل صلى الله عليه وآله وسلم مكانه عليه السلام من هذه الفرية التي ليس بها مرية.
هذا، وأما عن تقية إبراهيم عليه السلام، فهي نظير تقية يوسف عليه السلام ، وذلك باعتبار أنه أخفى حاله وأظهر غيره بهدف تحقيق بعض المصالح العالية التي تصب في خدمة دعوة أبي الأنبياء عليه السلام إلى التوحيد ونبذ الشرك، مثل تكسير الأصنام وتحطيمها، وليس في قوله: (إني سقيم) أدنى كذب، لأنه ورى عما سيؤول إليه حاله مستقبلا، بمعنى أنه سيسقم بالموت، فتكون تقيته عليه السلام في موضوع لا في حكم حتى يتأمل فيها.
ومن هنا كانت كلمة أهل البيت عليهم السلام قاطعة في صدق إبراهيم عليه السلام في تقيته. ولكن أبى البخاري إلا أن يكذب إبراهيم عليه السلام، فقد أخرج في صحيحه من طريقين عن أبي هريرة نفسه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: لم يكذب إبراهيم إلا ثلاثا وفي لفظ آخر: لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات (2).
ولم يكتف البخاري بهذا، بل أخرج بسنده عن أبي هريرة نفسه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (.. إن الله يجمع يوم القيامة الأولين والآخرين في صعيد واحد... فيأتون إبراهيم فيقولون: أنت نبي الله وخليله من الأرض إشفع لنا إلى ربك، فيقول - فذكر كذباته -: نفسي، نفسي، اذهبوا إلى موسى).