الإسلامية، وتدبر أدلتها من القرآن والسنة وسيرة الصحابة وتطبيقات التابعين وغيرهم من المسلمين أنه لا حصر للتقية على كتمان الحق وإظهار خلافه خوفا على النفس من اللائمة والعقوبة بالإكراه، لدخول ما إذا كان هذا الكتمان لمصالح أخر فردية أو اجتماعية في مصاديق التقية وإن لم يكن ثمة إكراه أصلا، ويؤيده أن الإكراه لم يؤخذ قيدا في تعريف التقية اصطلاحا - كما مر - عند بعضهم.
الوجه في تقديم بحث الإكراه على التقية:
إن نفي الملازمة بين الإكراه والتقية من وجه كما يفهم من الكلام المتقدم مراعاة لأقسام التقية لا يعني نفيها من كل وجه كما لا يعني عدم الحاجة إلى دراسة الإكراه في بحث التقية، لأنه من أهم وأقوى أسبابها على الاطلاق، زيادة على ما في بحث الإكراه من الأمور الباعثة على تقديمه بحيث لا يمكن معها إغفاله بحال، وسوف نشير إلى بعضها وهي:
1 - إن جميع التفصيلات الفقهية الواردة في فقه المذاهب العامية الأربعة بشأن التقية إنما هي مبحوثة عندهم في كتب الإكراه غالبا، ولم نجد في جميع مصادرهم الفقهية التي رجعنا إليها كتابا أو بابا بعنوان التقية، ومن هنا قد يشتبه الأمر على بعضهم بأن فقهاء العامة لم يتناولوا التقية وأحكامها، وربما يزعم - وهو ليس ببعيد - بأن جميع ما سنذكره من صور التقية في الفقه العامي - كما في الفصل الأخير من هذا البحث - لا علاقة له بالتقية، لأنه من الإكراه!! ورفع مثل هذا الاشتباه لا يكون إلا ببيان العلاقة بين الاثنين وأنها علاقة السبب بالمسبب والعلة بالمعلول.
2 - إن فهم أحكام التقية وبعض أقسامها متوقف على فهم الإكراه