انتهاء رقدتهم، ولكن الحق، أن تقيتهم الأولى كانت قاسية على نفوسهم لما فيها من مجاهدة نفسية عظيمة، لا سيما إذا علمنا أنهم من أعيان القوم ومن المقربين إلى الملك الكافر دقيانوس قبل أن ينكشف أمرهم.
ولا ريب بأن تقية المسلم من المسلم لا تكون مثل تقية المسلم من الكافر، بل وما يكره عليه المسلم من كافر مرة واحدة أو مرات لا يقاس بمعاناة الفتية الذين آمنوا بربهم، لأنهم قضوا شطرا من حياتهم بين قوم عكفوا على عبادة الأصنام والأوثان.
ولهذا ورد عن الإمام الصادق عليه السلام قوله: ما بلغت تقية أحد تقية أصحاب الكهف، إن كانوا ليشهدون الأعياد، ويشدون الزنانير، فأعطاهم الله أجرهم مرتين (١).
أقول: كيف لا يشدون الزنار على وسطهم وهم عاشوا في أوساطهم؟
وكيف لا يشهدون أعيادهم وهم من أعيانهم؟
الآية الثانية: حول تقية مؤمن آل فرعون.
قال تعالى: ﴿وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب﴾ (2).
هذه الآية المباركة هي الأخرى تحكي مشروعية التقية قبل بزوغ شمس الإسلام بقرون.