المعتبرة عند العامة التي نسبت التقية إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في القول والفعل معا.
وهنا، قد يتوهم البعض فيزعم أن التقية غير جائزة على الأنبياء مطلقا! وهذا غير صحيح قطعا، لأن غير الجائز عليهم صلوات الله عليهم هو ما بلغ من التقية درجة الكفر بالله عز وجل، أو كتمان شئ من التبليغ المعهود إليهم ونحو هذا من الأمور التي لا تنسجم وعصمتهم عليهم السلام بحال من الأحوال، لأنها من نقض الغرض والإغراء بالقبيح وهم عليهم السلام منزهون عن كل قبيح عقلا وشرعا، إذ لا يؤتمن على الوحي إلا المصطفون الذين لا يخشون في الله لومة لائم.
ومن هنا قال السرخسي الحنفي في معرض حديثه عن تقية عمار بن ياسر بإظهار كلمة الكفر بعد الإكراه عليها مع اطمئنان قلبه بالإيمان: (إلا أن هذا النوع من التقية يجوز لغير الأنبياء والرسل عليهم السلام، فأما في حق المرسلين صلوات الله عليهم أجمعين فما كان يجوز ذلك فيما يرجع إلى أصل الدعوة إلى الدين الحق) (1).
ويفهم من كلامه جواز التقية على الأنبياء والمرسلين فيما لا يمس أصل دعوتهم ، أما إنكارها، أو كتمانها عن الخلق، أو تكذيب أنفسهم ونحو هذا فهو مما لا يجوز عليهم.
وجملة القول: إن كل شئ لا يعلمه البشر - على واقعه - إلا من جهة المعصوم عليه السلام نبيا كان أو إماما لا تجوز التقية فيه على المعصوم، وأما ما يجوز له فيه التقية فهو كل ما لا يتنافى ومقام التبليغ والتعليم والهداية إلى الحق حتى ولو انحصر وصول الحق إلى طائفة دون أخرى، كما لو