فهنا لو أقدم المكره على القتل فلولي الدم القصاص بلا خلاف بين سائر فقهاء الشيعة، وأحاديثهم المروية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعترته عليهم السلام صريحة بهذا كل الصراحة، وأيدهم على هذا أكثر فقهاء المذاهب سوى الأحناف كما سيأتي بيانه في مكان آخر في هذا البحث.
ومما يجب التنبيه عليه هنا، هو أن التقية ليست واجبة شرعا في جميع حالات الإكراه، فهي قد تكون واجبة، أو محرمة، أو مباحة، أو مندوبة، أو مكروهة بحسب الأحكام التكليفية الخمسة، ولكن ليس لأحكامها ضابط معين بحيث لا يمكن تجاوزه في جميع حالات الإكراه ومن أي مكره، كما أشرنا إلى ذلك فيما تقدم.
نعم يستثنى من ذلك ما نص عليه الدليل المعتبر، وأما ما لا نص فيه من صور الإكراه فيترك تقدير الإقدام على التقية فيه لمن يحمل عليها قسرا، مع مراعاة اجتناب أصعب الضررين، وسيأتي المزيد من التوضيح في بيان حكم ما يكره عليه ، مع صلة بعض القواعد الفقهية بهذا البيان.
حكم ما يكره عليه:
إن من الثوابت التي لا يشك بها أحد هو أن الدين الإسلامي دين اليسر ورفع الحرج، إذ أباحت الشريعة الإسلامية للمضطر والمكره ارتكاب المحظور شرعا، كل ذلك من أجل أن يعيش الإنسان حياة حرة كريمة بعيدة عن كل ما يتلفها أو ينتقص من كرامتها وقدرها، حتى ولو أدى ذلك إلى ارتكاب المحرمات، أو المساس بحقوق الآخرين التي صانتها الشريعة الإسلامية نفسها وبأروع ما يكون.
ومن هنا انطلق فقهاء المذاهب الإسلامية ليقعدوا بعض القواعد