للحق تقية! وليس الأمر كذلك، لأن أهل البيت عليهم السلام كانوا حريصين جدا على بيان الحكم الواقعي لأصحابهم، وتفهيم شيعتهم ومن يطمئنون إليه من عامة المسلمين بحقيقة الأمر وواقعه، وإنما اقتصروا في إصدار ما هو بخلاف الحكم الواقعي على حالات معينة كانت فيها عيون السلطة تتربص بهم عليهم السلام وبشيعتهم الدوائر، ولنأخذ مثالين على ذلك، وقس عليهما ما سواهما، وهما:
المثال الأول: الإفتاء بحلية ما قتل البازي والصقر.
عن أبان بن تغلب، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كان أبي عليه السلام يفتي في زمن بني أمية أن ما قتل البازي والصقر فهو حلال، وكان يتقيهم، وأنا لا أتقيهم، وهو حرام ما قتل (1).
ونظير هذا الحديث ما رواه الحلبي، عن الإمام الصادق عليه السلام: أنه قال : كان أبي عليه السلام يفتي، وكان يتقي، ونحن نخاف في صيد البزاة والصقور ، وأما الآن فإنا لا نخاف ولا نحل صيدها إلا أن ندرك ذكاته، فإنه في كتاب علي عليه السلام: إن الله عز وجل يقول: (وما علمتم من الجوارح مكلبين)، في الكلاب (2)، أي: في كلاب الصيد لا في البزاة ولا في الصقور.
وإذا علمنا أن الإمام الباقر عليه السلام عاش في فترة حكم أولاد عبد الملك بن مروان وهم: الوليد بن عبد الملك (ت / 96 ه)، وسليمان بن عبد الملك