دال على عدم تقيتهم.
وقولهم: (ربنا رب السماوات والأرض لن ندعوا من دونه إلها)، هو قول من لا يرى التقية أصلا، فأين تقية أصحاب الكهف إذن؟!
والجواب: إن ما صدر عنهم من أقوال معبرة عن عدم تقيتهم إنما صدر بعد انكشاف أمرهم، إذ كانوا قبل ذلك يكتمون إيمانهم عن ملكهم كما في لسان قصتهم، على أن في القصة ذاتها ما يعبر بوضوح عن إيصائهم لمن بعثوه بعد انتهاء رقدتهم بالتقية، كما يفهم من عبارة (وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا).
ومن هنا قال الفخر الرازي: (وقوله: (وليتلطف) أي: يكون ذلك في سر وكتمان، يعني دخوله المدينة وشراء الطعام) (1).
وأوضح من هذا ما صرح به القرطبي المالكي بشأن توكيل أصحاب الكهف لأحدهم بشراء الطعام مع إيصائه بالتقية من القوم الكافرين بإخفاء الحقيقة عنهم بالتكتم عليها، فقال ما هذا نصه:
(في هذه الآية نكتة بديعة، وهي أن الوكالة إنما كانت مع التقية خوف أن يشعر بهم أحد لما كانوا عليه من خوف على أنفسهم، وجواز توكيل ذوي العذر متفق عليه) (2).
إذن، تقية أصحاب الكهف لا مجال لإنكارها في جميع الأحوال سواء قبل تصميمهم على ترك المداراة مع القوم واللجوء إلى الكهف، أو بعد