المؤمنين عن اتخاذ الكافرين أولياء ظاهرا وباطنا واستثنى عنه التقية في الظاهر، أتبع ذلك بالوعيد على أن يصير الباطن موافقا للظاهر في وقت التقية، وذلك لأن من أقدم عند التقية على إظهار الموالاة، فقد يصير إقدامه على ذلك الفعل بحسب الظاهر سببا لحصول تلك الموالاة في الباطن، فلا جرم بين تعالى أنه عالم بالبواطن كعلمه بالظواهر، فيعلم العبد إنه لا بد أن يجازيه على ما عزم عليه في قلبه) (1).
هذا، ومن الجدير بالإشارة إن الإكراه اللفظي قد لا يكون هكذا في جميع صوره، فلو أكره المرء المسلم على الطلاق مثلا، وكانت نيته موافقة للفظه فلا يكون بهذا خارجا عن ربقة الإسلام، بخلاف ما لو أكره بالقتل على سب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسبه بكل رضا وارتياح، فهو بهذا سيكون كافرا بلا خلاف.
النوع الثاني: الإكراه على الفعل المحظور لا شك أن الشريعة لم تبح جميع الأفعال المحظورة بلا قيد أو شرط، لأن الأفعال المحرمة - في نظر الشريعة الغراء - على نحوين:
أحدهما، تسوغ معه التقية حال الإكراه عليه، وأمثلته كثيرة كالتقية في السرقة، أو إتلاف مال الغير، أو الإفطار في شهر رمضان، أو تأخير الصلاة، أو الامتناع عنها إذا اقتضى الإكراه ذلك، أو شرب الخمر - على خلاف فيه، ونحوها من الأمور التي يجوز ارتكابها عند الإكراه عليها.
والآخر، لا تسوغ معه التقية مطلقا وفي جميع الأحوال مهما بلغت درجة الإكراه عليه، كالإقدام مثلا على قتل مسلم برئ بحجة الإكراه،