التقية في الفكر الإسلامي - مركز الرسالة - الصفحة ١٣٩
قال: قلت: يا رسول الله! كيف يذل نفسه؟ قال: يتعرض من البلاء لما لا يطيق ) (1).
ويظهر من تاريخ ابن عمر أنه وقر هذا الحديث في سمعه وطبقه في غير موضعه مرارا في حياته.
منها: مبايعته ليزيد حينما خاف سيفه ولم ينكر عليه كما أنكر الأحرار من هذه الأمة.
ومنها: أنه حينما أمن من سوط أمير المؤمنين علي عليه السلام، وسيفه، لم يبايعه واعتزل الأمر، ولو كان هناك أدنى خوف على حياته لبايع راغما.
ومنها: سكوته على التعريض المباشر الذي وجهه إليه معاوية بعد أحداث قصة التحكيم المعروفة بقوله - كما في صحيح البخاري -: من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه، ولنحن أحق به منه ومن أبيه (2).
وقد صرح العلماء بأن مراد معاوية بقوله: (منه ومن أبيه) هو التعريض بابن عمر، أي: ولنحن أحق به من عبد الله بن عمر ومن أبيه عمر بن الخطاب (3).
وقد فهم ابن عمر هذا التعريض ولكنه سكت هلعا من معاوية وزبانيته، باعترافه هو كما في ذيل حديث البخاري، قال ابن عمر:

١) كشف الأستار عن زوائد مسند البزار على الكتب الستة / نور الدين الهيثمي ٤: ١١٢ / ٣٣٢٣، ط ٢، مؤسسة الرسالة، بيروت، ١٤٠٤ ه‍.
٢) صحيح البخاري ٥: ١٤٠ كتاب بدء الخلق، باب غزوة الخندق.
٣) أنظر ما قاله العيني في عمدة القاري ١٧: ١٨٥ - ١٨٦. وابن حجر في فتح الباري ٧: ٢٢٣. والقسطلاني في إرشاد الساري 6: 324 - 325، كلهم في شرح حديث البخاري المتقدم.
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»
الفهرست