المبحث الثالث الفرق بين التقية والنفاق حينما نقول: إن في التقية عز المؤمن، فلا شك أن في النفاق ذل المنافق، وحينما نقول: إن في التقية المداراتية يلم شمل المسلمين وتأتلف قلوبهم، فلا شك أن في النفاق فرقتهم وشرذمتهم وزرع العداوة والبغضاء في ما بينهم.
وهكذا حينما نرجع إلى فوائد التقية، نعلم جيدا، أن كل فائدة من فوائدها يشكل نقيضها صفة للنفاق، وحينئذ تعلم الفروق الشاسعة بينهما، لوضوح أن النفاق - مع خلوه عن كل فائدة - يعد من أخس الصفات وأسوءها، ويكفي أن أعلن الشارع المقدس عن مصير المنافقين وشدد النكير عليهم بقوله الكريم: ﴿ إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا﴾ (1). بينما جاء وصف من استخدم التقية في موردها كما مر في أدلتها بأنه من المؤمنين.
ومع وضوح هذا الأمر، إلا أنا سنبين باختصار بعض الفروق بين التقية والنفاق، إذ ربما لا يستهدي البعض إليها من خلال مراجعة فوائد التقية وتصور نقائضها في النفاق، لا سيما مع وجود من لم يفرق بينهما كما يظهر من بعض البحوث والكتابات المعاصرة، ومن بين هذه الفروق ما يأتي:
الفرق الأول: التقية ثبات القلب على الإيمان وإظهار خلافه باللسان