بإكراه، وقد بينا سابقا صلة الإكراه بالتقية، ونتيجة لتلك الصلة فقد علم جميع المفسرين بلا استثناء دلالة قوله تعالى: (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) على جواز التقية في الإسلام ولم يناقش أحد منهم في ذلك.
الثانية: اشتمال الحديث - في بعض مصادره - على عبارة (وما اضطروا إليه)، وقد تبين سابقا أن من الاضطرار ما يكون بغير سوء الاختيار، وأن من أسبابه هو فعل الغير كما في الإكراه. كما تبين في أركان الإكراه ما يدل على أن الإكراه الذي لا يضطر معه المكره إلى ارتكاب المحظور لا تجوز معه التقية إذ لم يعد الإكراه إكراها في الواقع لفقدانه أحد أركانه، فيكون إكراها ناقصا بخلاف التام الذي يولد اضطرارا أكيدا للمكره، وإذا اتضح هذا اتضحت صلة العبارة بالتقية.
ومما يقطع النزاع بتلك الصلة حديث الإمام الصادق عليه السلام: إذا حلف الرجل تقية لم يضره إذا هو أكره واضطر إليه (1)، على أن لهاتين العبارتين آثارهما الواضحة في إدخال التقية في موارد كثيرة في فروع الفقه مع عدم ترتب آثارها الواقعية بفضل هاتين العبارتين من قبيل صحة التقية في طلاق المكره مع الحكم بعدم وقوع الطلاق، وصحتها في بيع المكره ولكن مع فساد البيع وهكذا الحال في العتق والمباراة والخلع وغيرها كثير.
وزيادة على ذلك نورد ما قاله الشيخ الأنصاري في بحث التقية، قال: (ثم الواجب منها يبيح كل محظور من فعل الواجب وترك المحرم. والأصل في ذلك أدلة نفي الضرر، وحديث: رفع عن أمتي تسعة أشياء، ومنها: وما اضطروا إليه..) (2) وواضح من هذا الكلام صلة القواعد الفقهية