المبحث الثالث الإجماع ودليل العقل أولا: الإجماع:
يعتبر الإجماع - في أصح أقوال المسلمين - أداة كاشفة عن وجود دليل متين وقويم كآية من كتاب الله عز وجل أو حديث شريف ينطق بالحكم المجمع عليه، وإن اعتبره فريق منهم دليلا قائما بنفسه تماما كالكتاب والسنة، وهو بهذا المعنى يستحيل في حقه الخطأ ويكون معصوما كعصمة الكتاب والسنة المطهرة، وأن من رد عليه هو كمن رد قول الله عز وجل وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وآله وسلم.
ومع هذا فلم يختلف اثنان من المسلمين في أن أهم مصادر التشريع في الإسلام هما: القرآن الكريم، والسنة المطهرة القطعية، وأنه لا يوجد مصدر تشريعي آخر يبلغ شأنهما في الحجية.
والحق، أن ما تقدم من أدلة التقية يغني عما سواه، خصوصا مع اتفاق المفسرين والمحدثين على عدم وجود الناسخ لتلك الأدلة، مع انعدام الشك في ما دلت عليه من جواز التقية عند الخوف الشخصي أو النوعي، ولهذا لم يناقش أحد منهم في ذلك، وعليه سيكون الحديث عن الإجماع على مشروعية التقية حديثا زائدا عند من لا يراه دليلا مستقلا وقائما بنفسه.
ولهذا سنكتفي بقول من يراه دليلا مستقلا كالكتاب والسنة، إذ سيكون ذلك أبلغ في دحض حجة كون التقية نفاقا كما يزعم بعض أتباع القول باستقلالية الإجماع الذي ادعاه غير واحد من علماء العامة كما يفهم من