ثانيا: الأدلة القرآنية الدالة على إمضاء التقية في الإسلام:
الآية الأولى: حول جواز الكفر بالله تقية:
ويدل عليه قوله تعالى: ﴿من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم﴾ (1).
نزلت هذه الآية المباركة باتفاق جميع المفسرين في مكة المكرمة وفي البدايات الأولى من عصر صدر الإسلام، يوم كان المسلمون يعدون بعدد الأصابع، ومن مراجعة ما ذكروه بشأن هذه الآية يعلم أن التقية قد أبيحت للمسلمين أيضا في بدايات الإسلام الأولى، وأنها أبقيت على ما كانت عليه في الأديان السابقة ولم تنسخ في الإسلام، بل جاء الإسلام ليزيدها توكيدا ورسوخا لكي يتترس بها أصحاب الدين الفتي أمام طغيان أبي سفيان وجبروت أبي جهل كما تترس بها - من قبل - أهل التوحيد أمام ظلم المشركين فيما اقتص خبره القرآن الكريم، وصرح به سائر المفسرين.
فقد أخرج ابن ماجة بسنده عن ابن مسعود ما يؤكد نزول الآية بشأن عمار بن ياسر وأصحابه الذين أخذهم المشركون في مكة وأذاقوهم ألوان العذاب حتى اضطروا إلى موافقة المشركين على ما أرادوا منهم.
وقد علق الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي على هامش حديث ابن ماجة المذكور، بقوله (أي: وافقوا المشركين على ما أرادوا منهم تقية، والتقية في مثل هذه الحال جائزة، لقوله تعالى: (إلا من أكره وقلبه مطمئن