إلا القول بأن الشريعة الإسلامية أحلت للمسلمين النفاق ثم نسخ هذا الحكم بالحرمة، وهو كما ترى قول مضحك لا يقوله إلا السفيه الأحمق.
الفرق الخامس: التقية فضيلة - كما مر - والنفاق رذيلة بلا شك، فكيف يجوز حمل أحدهما على الآخر.
الفرق السادس: قولهم بنظرية عدالة الصحابة يثبت الفرق بين التقية والنفاق بأوضح وجه، لثبوت عمل الصحابة بالتقية كما سنبرهن عليه في الفصل الرابع، ومعنى قولهم أن التقية نفاق يعني أن عدول الصحابة منافقون. وهذا ما لا يرتضيه المنافقون أنفسهم.
ونكتفي بهذه الفروق لنبين باختصار الأسباب المؤدية إلى هذا القول الساذج البعيد كل البعد عن العلمية والموضوعية.
أسباب القول بأن التقية من النفاق:
هناك جملة من الأسباب الداعية إلى هذا القول (المعاصر) على الرغم مما يترتب عليه من آثار سلبية خطيرة تحدد مقدار ما يمتلكه أصحابه من الثقافة الإسلامية، مع مدى موضوعيتهم، وقيمة مزاعمهم، فضلا عن درجة صلتهم برسالة الإسلام، لما مر من أن التقية من المفاهيم الإسلامية الثابتة ثبوت أي مفهوم إسلامي آخر متفق عليه، وأنها ضرورة شرعية لا يختلف ثبوتها عن ثبوت أية ضرورة شرعية أخرى، زيادة على كونها ضرورة عقلية أيضا، وأبعد من ذلك أنها من الغرائز الفطرية التي يشترك بها الإنسان والحيوان معا، ومن هنا كان السعي إلى النفع واتقاء الخطر مشاهدا حتى عند الحيوانات التي ليس من شأنها أن تفقه دليلا شرعيا كان أو عقليا.